تحظى مدينة مهد الذهب بموقع مميز، حيث تقع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، مما اكسبها بعداً اقتصادياً مميزاً بين مدن المملكة، التي تشهد تطوراً تنموياً واقتصادياً سريعاً، وتزداد ميزة مهد الذهب عندما تعرف أنها تمتلك موقعاً استراتيجياً في الوسط، حيث إنها متصلة بشبكة طرق مسفلتة تربطها مع مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والقصيم، وترتبط مع الطائف والحناكية وحفر كشب، وتعتبر مركزاً لشبكة طرق مهمة، وهي ممر للعديد من حجاج بيت الله الحرام عبر هذه الطرق المختصرة التي تمر بها، كما أنها تمتلك معادن نفيسة تملأ جبالها وهضابها.

وتقع في الجزء الجنوبي الشرقي من منطقة المدينة المنورة، على بعد 160 كلم تقريباً، وترتبط خدماتها الإدارية مع منطقة المدينة المنورة ومنطقة الرياض ومنطقة مكة المكرمة، ومساحة المحافظة طولاً 240 كلم، وعرضاً 120 كلم، ومساحتها الكلية 25.2 ألف كلم، وتمثل 16.4 في المائة من مساحة منطقة المدينة المنورة، حيث تعتبر أكبر محافظة مساحة تابعة للمدينة المنورة، وترتفع عن سطح البحر 1000م، ويبلغ عدد سكانها نحو 80 ألف نسمة تقريباً، بمعدل النمو السنوي للسكان 2.8 في المائة، ويمثل عدد سكانها نحو 3.2 في المائة من سكان المدينة المنورة، ومحافظة مهد الذهب هي محافظة فئة (ب)، وذلك وفق التقسيمات الإدارية للمناطق في المملكة.

و​تشهد المحافظة عدة مشاريع تنموية، خاصة المواصلات والطرق العديدة، التي جاءت من كل صَوب، لتطرق أبواب المحافظة وتربطها بأهم المناطق في المملكة.

وتعتبر مهد الذهب محافظة اقتصادية مهمة، حيث تعتبر حقيبة كبيرة جداً للمعادن النفيسة التي تحتضنها جبالها، وهي ذات دخل كبير للدولة، علاوة على المحاصيل الزراعية التي تنتجها مزارعها، أيضاً الفرص الاستثمارية المتوفرة داخل المحافظة وخارجها متمثلاً في الطرقات المؤدية لها، والعديد من الجوانب الاقتصادية التي تتعلق بهذه المحافظة.

وهناك جبل شبه أحمر، يشرف على مهد الذهب من الغرب، بدأ استغلال معدن الذهب منه منذ القدم، وبني العمال مساكنهم بالقرب منه، وتطورت إلى محله عمرانية، أسموها مهد الذهب، فقالوا: بلدة المهد، وإمارة المهد، ومحافظة المهد، ويدرك الجميع ومن مسمى هذه المحافظة أن الموارد المعدنية هي الركيزة الأساسية في المحافظة، والمتمثلة في "الذهب، الفضة، النحاس، الزنك، كربونات الكالسيوم، وكربوبات المغنيسيوم"، وتوجد في مهد الذهب، أم الدمار، جبل صايد، وجبل رخام، ولهذا فهي أغنى محافظات منطقة المدينة المنورة في هذا الجانب، جبل مهد الذهب، وجبل صائد من أكبر جبال المعادن بالشرق الأوسط، وتاريخ يمتد لعهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

ويعتبر منجم مهد الذهب أكبر منجم في الشرق الأوسط، ويختزن الكثير من المعادن النفيسة، لذا فهو يمثل دخلاً كبيراً للدولة، ويتميز منجم مهد الذهب بتاريخ حافل، حيث دلت المصادر والآثار على قدم استغلال الذهب منه، فقد استخرجت كميات كبيرة منه في الألف الأولى قبل الميلاد، كما استغل المنجم في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قامت باستغلاله قبائل بني سليم.

وفي عهد الخلافة الأموية شهد منجم مهد الذهب اهتماما خاصاً، وزاد الطلب على الذهب ليسد حاجة الدولة الأموية لسك عمله ذهبية خاصة بها، وهو ما حدث فعلاً في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، الذي قام عام 74ه /694م بتعريب السكة، وإنشاء دور إسلامية جديدة لضرب العملة، ومنذ ذلك الوقت لم تعد النقود العربية تدور في فلك النقود البيزنطية أو الفارسية أو ترتبط بأسعارها أو أوزانها، وحملت كل من الشام ومصر مشعل الإصلاح النقدي الذي أضاءته العاصمة الأموية في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وليس أدل على ذلك من تعيين عامل خاص هو عبد الله بن كثير يقوم على شؤون منجم مهد الذهب، وذلك سنة 128هـ، كما استغل منجم مهد الذهب في عهد الدولة العباسية، فقد أكدت المصادر التاريخية أن كمية ما تم إنتاجه من المنجم بلغت نحو 40طناً.

وما أن أرسى الملك المؤسس عبد العزيز قواعد هذا الكيان الكبير سعت حكومة المملكة العربية السعودية جاهدة للأخذ بكل ما يحقق سعادة شعبها، فرغم الرفاهية التي يوفرها البترول المتدفق من المنطقة الشرقية، وفي إطار سعيها لبناء اقتصاد قوي متين، سعت الدولة لتنويع مصادر الدخل، وأولت اهتمامها لمجالات البحث والتنقيب عن الثروة المعدنية، وكان منجم مهد الذهب أحد ثمار هذا الاهتمام، ففي عهد الملك عبد العزيز قامت شركة نقابة التعدين السعودية (SAMS) بتعدين الذهب والفضة بمنجم مهد الذهب، في الفترة من 1939م - 1954م، ثم توقف الإنتاج لتدني أسعار الذهب إلى أن استؤنفت العمل مرة أخرى في السبعينات من القرن الماضي، فقامت شركة جولد فيلدز المحدودة بتوقيع عقد مع بترومين، وتم منحها رخصة كشف عام 1976م، ولاعتبارات استراتيجية مختلفة قررت شركة بترومين تملك المشروع بالكامل. وتم ذلك في 1987/5/15م، وأصبح المنجم مؤسسة حكومية، وتحت إدارة سعودية 100 في المائة.

وفي 15/ 11/ 1417هـ صدر قرار مجلس الشورى رقم (م/17) بإنشاء شركة التعدين العربية السعودية (معادن)، التي تضم جميع مشاريع التعدين في المملكة وبذلك أصبح منجم مهد الذهب أحد مشاريع شركة معادن السعودية. وفي 17رجب 1403هـ الموافق 30 ابريل 1983م شرف أبناء محافظة مهد الذهب باستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله، وسمو ولي العهد الأمين آنذاك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لافتتاح مشروع أكبر منجم في المملكة للمعادن النفيسة، وهو منجم مهد الذهب، كما يوجد جبل صائد الذي استطاعت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية أن تكشف الاسم المحير لجبل سعيد، الذي يقع على بعد نحو 40 كم شمال مهد الذهب، والغني برواسب النحاس، فقد ظل هذا الاسم محيراً للكثير من الباحثين وغيرهم، ولم يكن أمامهم إلا الاسم الذي ظهر على خرائط مصلحة المساحة الجيولوجية الأمريكية القديمة، وهو "جبل صايد"، نقلاً للحروف اللاتينية Jabal Sayid، فاستعملوه بهذا الاسم، ويعد جبل صائد من أهم جبال المملكة، لاحتوائه على العديد من المعادن النفيسة.

المنتجات الزراعية ركيزة لاقتصاد المحافظة

اهتمت الأجهزة المختصة بالقطاع الزراعي من خلال القروض، وزيادة برامج التوعية الزراعية، وتتميز محافظة مهد الذهب ببعض المنتجات الزراعية، ومنها: الحبوب، وأشهرها "الدخن"، الذي يتميز بجودته في مهد الذهب، إضافة إلى الخضار، ومن أهمها: النعناع، وغير ذلك الكثير.

ويعتبر القطاع الزراعي بمحافظة مهد الذهب قطاعاً مهماً باعتباره أحد مرتكزات التنمية، لما تحظى به الأراضي الزراعية بالمحافظة من جودة، ويضم حرة رهط في الغرب، وحرة كشب في الجنوب الشرقي، كما أنها تختزن كميات من المياه إضافة إلى صلاحية أرضها الزراعية، وكذا وجود بعض الأودية والسدود، ومنها: بيضان، وسعته مليونا متر مكعب، وسد الصلحانية، بسعة ثلاثة ملايين متر مكعب، وتكثر مزارع المواطنين غرب محافظة مهد الذهب، حيث الأرض الخصبة في وادي بيضان، والرويضة، ومركز صفينه، وهباء، والصلحانية، والسويرقية، والحمنة.

عوامل تسهم في تطوير الاستثمار

تتطلع محافظة مهد الذهب لعدة عوامل حتى تكمل مسيرة التطور والاستثمار الاقتصادي، ولتحقيق المزيد من مشاريع التنمية التي تحتاجها المحافظة وقراها، ولعل من أهمها إيجاد فرع لوزارة المالية، ومكتب للعمل، وفرع لوزارة التجارة والصناعة، لتسهم في تحقيق الخدمة لمواطني المحافظة، والتخفيف من المعاناة التي يتكبدها المواطن هنا لعدم توفر هذه المرافق، حيث يرى الشيخ عايض العضيله رجل الأعمال المعروف في المحافظة أن هذه الفروع تعتبر من أهم العناصر الفعّالة في الرقي بأي مدينة صغيرة، كهذه المحافظة الذهبية وبلا شك، فإننا عندما نتحدث عن اقتصاد محافظة، وتطلعات في الرقي باقتصادها، لا بد أن نعي بأهمية إيجاد متطلبات التطور الاقتصادي التي من شأنها أن تلبي احتياجات المستثمر من سكان المحافظة أو من خارجها.

مصادر الأخرى :

​